شنقريحة يزور باريس .. فرنسا تبحث عن منافذ جديدة عبر "البوابة الجزائرية"‎‎

أجندة جزائرية-فرنسية مكثفة يعرفها شهر يناير، تتمثل في برمجة زيارات عديدة تلتقي في البحث عن إرساء علاقات بينية “مهزوزة” لكنها لا تتوقف عند ثنائية البلدين، بل تتعداها إلى تداول ما يجري في المنطقة، وفي المقدمة علاقات الجزائر والرباط.

ويباشر سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، زيارة إلى فرنسا نهاية شهر يناير الجاري للقاء القائد العسكري تيري بوركار. ويأتي هذا التنقل أياما قبل توجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بدوره نحو باريس للقاء الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون.

ومن المرتقب أن تبحث فرنسا عن إعادة التموقع في المنطقة من البوابة الجزائرية، خصوصا أمام التحدي المطروح في الساحل وتردي صورة فرنسا لدى النخب الإفريقية، فضلا عن دخول فاعلين جدد شمال القارة، تتقدمهم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

وتعد هذه الزيارة الأولى منذ ما يقرب 17 سنة، حين انتقل القايد صالح سنة 2006 إلى فرنسا لتداول أمور عسكرية، لكن السياق الحالي يختلف ويتميز بظروف متوترة ببحث فرنسا إمكانية تفكيك التنسيق الجزائري الروسي الذي يحاصر أوروبا في موضوع الغاز.

مصطفى الطوسة، إعلامي مقيم في باريس، سجل أن تحرك سعيد شنقريحة هو تحضير لزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مبرزا أن فرنسا تعتبر الرجل العسكري هو الرقم الأول في القرار الجزائري، وبالتالي لا بد لها من جلسة معه تسبق النقاش الرسمي مع الرئيس.

وأضاف الطوسة، في تصريح لهسبريس، أن فرنسا متعاطفة مع الجزائر في السياق الحالي، لكن لن تغفر لها التقارب مع روسيا في الأزمة الحالية، مشيرا إلى أن باريس ستضغط على الجزائر لأخذ مسافة من موسكو، خصوصا أن المعركة الأوروبية الروسية محتدمة جدا.

وأوضح المحلل السياسي المغربي أن قضايا الساحل هي الأخرى ستكون ضمن أجندة النقاش، وفي المقدمة النفوذ الفرنسي في مالي، فضلا عن العلاقات الجزائرية المغربية، ومن المؤكد أن باريس ستدافع عن حوار البلدين عوض العداء الذي تكرسه الجزائر منذ مدة.

نوفل بوعمري، خبير في العلاقات الدولية، قال إن الإعلان عن زيارة الرئيس الجزائري إلى فرنسا يأتي بعد تصريحات ماكرون التي كشف فيها موقف فرنسا من الذاكرة الجزائرية ورفضها تقديم أي اعتذار للجزائر عن الحقبة الاستعمارية الطويلة التي عاشتها الجزائر.

لذلك، فقبول الرئيس الجزائري القيام بهذه الزيارة في ظل هذه التصريحات، “يعتبر تخليا من طرف النظام الجزائري عن واحدة من عقائده الأساسية التي ظل يعلنها في خطاباته ويرفعها في وجه فرنسا، مؤخراً، باعتبارها الأساس الذي ستقيم عليه الجزائر علاقتها”، يردف بوعمري.

وشدد المتحدث لهسبريس على أن هذا الأمر يعكس طبيعة الأزمة التي يعيشها تبون في محيطه الإقليمي ورغبته في الخروج منها بأي ثمن، خاصة إذا كان هذا الثمن هو التشويش على المغرب، مضيفا أن “هذا التحرك تدفعه الرغبة السياسية الجامحة نحو محاصرة المغرب سياسيا وعسكرياً”.

ووفقا لبوعمري، يبقى التنسيق العسكري الفرنسي الجزائري يطرح علامات استفهام عدة على فرنسا، فهي تعلم أن النظام الجزائري منخرط بشكل كلي في دعم روسيا في حربها ضد الغرب، وهذا الدعم كان موضوع احتجاج أوروبي، خاصة من طرف الدول المتوسطية التي لا تنظر بعين الرضى للأمر.

وتابع بوعمري بأن التقارب الفرنسي مع النظام الجزائري يطرح أسئلة موضوعية حول طبيعته وأهدافه الإقليمية والتهديدات التي قد تنتج عنه ليس للمغرب فقط بل لعموم أوروبا، وكذلك يطرح السؤال حول تموقع فرنسا في كل الأحداث التي طرأت على أوروبا، فهي تعلن دعمها لأوكرانيا ووقوفها في وجه روسيا، لكنها في المقابل تتحالف وتنسق مع حليف روسي بالمنطقة.

أترك تعليقا

أحدث أقدم