فصل المقال في ما يلزم أن يُذكر في الردّ على مزاعم "بوق العسكر"

“وسائط التواصل الاجتماعي ساحةُ معركة يجب خوضها”.. هذا هو العنوان (البائس) الذي اختاره “بُوق الجنرالات” المُسمّى وهو “يقترف” مقالة بائسة إضافية من مقالاته مدفوعة الأجر، والجميع صاروا يعرفون ممّن..

فإذا كان “الكِتاب يُعرَف من عنوانه” كما يُقال، فعنوان مقالك هذا وحدَه كافٍ لتأكيد الوصف المُقترِن بك “بُوق العسكر”، ودعني أشرح لك لماذا صرتَ معروفاً بلقبك هذا أكثر من أيّ شيء آخر..

أولا، مواقع التواصل الاجتماعي ليست “ساحة معركة” كما زعمت.. مواقع التواصل الاجتماعي، أيّها الثرثار الذي “يهذي” في كلّ شيء ولا يفهم في أيّ شيء، هي ساحة “تواصل اجتماعي”،

وفق ما أراد لها مُنشئوها ومُطوّروها، أيْ ساحة لمدّ جسور التعارُف (الاجتماعي) بين شعوب العالم، من خلال تقاسُم لحظات الفرح والتميّز والنجاح التي يعيشونها في يومهم ويريدون مشاركتها مع أحبابهم وأصدقائهم، واقعيين كانوا أو افتراضيين..

ومن هنا جاءت متبوعة بوصف “الاجتماعي”، أيْ ما يجمع ويُوحّد.. أمّا “المعركة”، التي تُحيل على الكرّ والفرّ والتفرقة والتشتيت وهلمّ تقتيلا وأذى وتشريداً ومآسيَ “اجتماعية” لا تُعدّ ولا تُحصى،

فليست إلا ارتداداً فاضحاً لِما في مُخّك (الصّغير بالمناسبة) بعد غسيل المُخّ الذي مُورس عليك وعلى غيرك من الجزائريين على امتداد عقوق من قبَل “العسكر” الذين يحكمونكم بقوة الحديد والنار، بخلاف جميع دول المعمور، حيث يحكم المدنيون، ومنه شهدت هذه الدول تطوّراً متفاوتاً في مستويات التمدّن والتحضّر تجلّى في انفتاحهم على مواقع التواصل (الاجتماعي، الإنساني) هذه لاستعراض مظاهر هذا التحضّر والتمدّن، من لحظات فرَح وبهجة وسعادة..

وكلّ هذا يكون حين ينال المواطن قسطه وحقه المشروع من “التمدّن”، وهو ما لن تُدركه أبداً لا أنت ولا غيرك، ما دام يحكمكم العسكر يا… “بُوق العسكر”!

والآن، دعنا ننتقل إلى أهمّ الافتراءات الصّارخة زوراً وبُهتاناً التي أبيتَ من خلالها مُجدّداً إلا مواصلة إضحاك العالَم على عقليتكم “الخامْجة”، حُكّاماً و”أبواقاً” من أمثالك..

وقد كان أول ما أثارني قولك إنّ “المتابعة دون تفاعل كبير جعلت الجزائريين مستهلكين للأخبار والصّور والفيديوهات وليس صنّاعاً لها وصنّاعاً للرّأي”..

هل تريد حقاً أن تعرف لماذا يكتفي الجزائريون بمتابعة -استهلاك محتوى منصّات التواصل (الاجتماعي، وليس “الحربي”، من باب التذكير) التي أوردتَ نماذج من أسمائها؟! الجواب بسيط جدّاً، لكنّ رأسك المُسطّح لم ولن يستوعبه، وهذا طبيعي من شخص بليد مثلك ويتذاكى بإنشاءاته وبـ”هتكه عرض” الكلمات، حتى لا أقول شيئاً آخر!..

فالجزائريون يا هذا ينأَوْن بأنفسهم عن محاولة إنتاج محتوى رقميّ يُقدّمونه للعالَم حتى لا يسقطوا في فخّ الافتراء والكذب والتضليل الذي سقطتَ أنت فيه أو اخترتَه طواعية من أجل “دنانير” العسكر..

الجزائريون الأحرار يا “بُوق الجنرالات” يعرفون جيداً أنّ “عقيدة” العسكر الحاكمين في بلاد “القوة الضّاربة” ومرجعيتهم وغاياتهم الحقيرة قائمة على الكذب والتلفيق والتزوير وهلمّ بهتاناً،

وهم لا يريدون السّقوط في براثن كلّ هذا.. هل تريد صانعَ محتوى، في التاريخ مثلا، ما إن يبدأ مشروعاً أو فكرة في هذا الاتجاه حتى يأتيَه زبانية العسكر ويأمُروه بأن “يقتطع” الصحراء المغربية (غربيةً وشرقيةً) من أصلها التاريخي، الثابت بقوة دلائل وحُجج الوثائق والخرائط والمراسلات التاريخية ومن مراسيم البيعة وواقع العلاقات الإنسانية والتجارية الضّاربة في التاريخ و”ينسبها” (قُوة) إلى دولة لم تكن حتى عهود قريبة غير “مقاطعة” فرنسية، بل “فرنسا ثانية”! وأرشيف الدولة الفرنسية شاهد على ذلك..

وقبله تاريخ العثمانيين (الأتراك) الذين لم يتجرّؤوا حتى على الاقتراب من المغرب، بحدوده التاريخية، التي كانت تمتدّ شرقاً حتى مُدن مُوغلة في ما بات يُعرَف مؤخّرا بـ”الجزائر”؟..

بل لم يكن لهذه “الجزائر” من وجود أصلا حين كان “المغرب” (الذي تتجنّب -لاستفحال “فوبيا المْرّوك” في نفسك المريضة وفي نفوس أسيادك العسكر- حتى ذكره بالاسم) “يحكم” الشّمال الإفريقي، وجنوباً حتى السّودان الغربي، وحتى شمالا، حيث حكم الأندلس..

هل تريد شيئاً مصيراً مثل هذا لأيّ جزائريّ حرّ وأنت تطلب من الجزائريين أن يصيروا صنّاعَ مُحتوى، وأنت تعرف (وربّما لا تعرف، ما دام أنّ العشَرة من أمثالك في “عْقيّل”) أنّ هوَس العسكر الحاكمين بلادَك والمُتحكّمين في مصاير وعقول أبناء بلادك لا يجدون أدنى تحرّج (وقد صار العالَم قرية صغيرة) في أن ينسبوا “الكسكس” المغربيَ والزّليجَ المغربي وكلّ ما هو مغربي إلى أنفسهم دون أن تنتابَهم ذرّة خجل؟!

بل حتى صومعة الكتبية -يا هذا- “انتزعوها” (المسكينة) قبل سنوات قليلة (في 2019) من قلب مرّاكش، ذاتَ “ملتقى” لما سُمّي “أسبوع التراث الجزائري” احتضنت فصولَه “المسرحيةَ” مدينةُ الشّارقة في الإمارات العربية..

أترك تعليقا

أحدث أقدم