توالي "إدانة مشاهير مغاربة" في فرنسا يطرح "دلالات التوقيت ومغزى القضايا"

لم تكد تمضي أيام على إدانة محكمة الجنايات الباريسية، الجمعة الماضي، نجم “البوب” المغربي سعد لمجرد بالسجن 6 سنوات بتهمة اغتصاب شابة فرنسية، (في قضية تعود بدايتها إلى سنة 2016 وحظيت باهتمام الرأي العام على مدار سبع سنوات)، حتى جاء الدور على نجم آخر هذه المرة في عالم كرة القدم، أشرف حكيمي، الظهير الأيمن للمنتخب المغربي ونادي باريس سان جرمان الفرنسي.

في أحدَث تطورات القضية، نفى اللاعب المغربي في تصريح لصحيفة “ماركا” الإسبانية ما وصفها بـ”مزاعم خاطئة”، مؤكدا أن “اتهامات الاغتصاب المزعومة، كما وردت في الصحيفة الفرنسية Le Parisien زائفة تماما”.

وكانت وكالة “فرانس برس” قالت إن أشرف حكيمي “مستهدف بتحقيق قضائي في قضية اغتصاب بادر إلى فتْحها مكتب المدّعي العام في نانتير”، بعدما توجهت فتاة فرنسية، تبلغ من العمر 23 عاما، إلى مركز للشرطة لتبلغ بأنها تعرضت للاغتصاب في منزل اللاعب المغربي يوم السبت 25 فبراير 2023.

وأثار الخبر المنشور عن حكيمي بشكل متزامن مع حفل جوائز “فيفا”، وبعد ثلاثة أيام فقط من الحكم الابتدائي في حق لمجرد، موجة نقاش واسعة على شبكات التواصل، في حين ذهب بعض المتتبعين إلى إبداء استغرابهم من “صيغة الجزم” بوقوع الاغتصاب حتى قبل الاستماع إلى الضحية المزعومة من لدن المحققين، لا سيما أن الصحيفة الباريسية وصفت اللاعب بـ”المعتدي والمغتصب”، في خرق سافر لمبدأ “افتراض البراءة”.

محام مغربي مسموح له بالترافع لدى المحاكم الفرنسية، رفض الكشف عن هويته، قال لهسبريس إن الأمر يتعلق حاليا بـ”مجرد تصريح أو إفادات تقدمت بها فتاة فرنسية”، مؤكدا أنه “لا يوجد بالدليل الملموس ما يفيد وجود واقعة الاغتصاب وتفاصيلها كما تسرّبت إلى الصحيفة الفرنسية ونشرتها حتى قبل استنطاق حكيمي والتحقيق معه”.

وبخصوص تزامن إثارة مزاعم الاغتصاب ضد اللاعب حكيمي مع تصاعد واشتداد التوتر في العلاقات المغربية الفرنسية التي تعرف برودا منذ أواخر سنة 2021، رفض المحامي ذاته “الربط بين الأمريْن”، معتبرا أنه “وجب انتظار اكتمال باقي المعطيات للخروج بحكم متكامل ونظرة عقلانية للموضوع”.

كما سجل متابعون للشأن الفرنسي، تحدثوا لهسبريس، “زيادة واضحة في منسوب التوجس والمخاوف”، في الآونة الأخيرة، بين المشاهير المغاربة المسلَّطة عليهم أضواء الإعلام الفرنسي والرأي العام، من “كمية الإدانة” التي باتت تحفل بها بعض المنابر التي استغلت ظرفية توتر العلاقات بين الرباط وباريس لضرب كل ما يمس صورة المملكة ومواطنيها.

“استهداف رمزي مُمَنهَج”

من جهته، شدد محمد بن عيسى، رئيس مركز الشمال لحقوق الإنسان، على “ضرورة قراءة تطورات الأحداث الجارية في العلاقات المغربية الفرنسية في إطار سياق عام يتمثل في استهداف رمزي وممنهج للمصالح المغربية، بعدما دعا المغربُ فرنسا بشكل مباشر وغير مباشر للخروج من منطقة الضبابية وتبني موقف واضح من قضية الصحراء المغربية”.

وشرح الحقوقي المغربي، في تصريح لهسبريس، بأن “فرنسا في عهد ماكرون رفضت التقليص من تواجد مصالحها بالمغرب في ظل توجه وانفتاح جليّ للرباط نحو شركاء جدد، معتبرة أن المغرب يتحدّاها بذلك في المنطقة”.

وأضاف بن عيسى أن “ماكرون مازال يحاول استغلال الصراع المغربي-الجزائري لإنقاذ فرنسا المفككة داخليا والضعيفة اقتصاديا والفاقدة لجاذبيتها في كثير من مناطق نفوذها التقليدي، كـأفريقيا جنوب الصحراء، مثلا، لصالح قوى جديدة”.

المتحدث لهسبريس ربط “انفجار سلسلة من القضايا التي تحاول ضرب الرأسمال الرمزي للمغرب والمغاربة” بما تعيشه فرنسا من تراجعات داخلية وخارجية، موردا في هذا السياق “قضية التجسس بواسطة نظام بيغاسوس، وقضية الفساد بالبرلمان الأوروبي، مع إعلان حلّ مفترض لمجلس الديانة الفرنسي الذي يترأسه المغربي محمد موساوي”.

وسجل رئيس مركز الشمال لحقوق الإنسان أن فرنسا توّجَت متواليات استهدافها للمملكة بـ”ربط الاغتصاب وقضايا جنسية بالمغاربة المقيمين فوق أرضها، في محاولة لضرب ما يمكن تسميته الرأسمال الرمزي للمغرب والضغط أكثر بتوظيف ممنهج لوسائل الإعلام الفرنسية”.

وخلص الحقوقي المغربي إلى أن “قضية حكيمي تتضمن مؤشرات خرق واضح لمبدأ قرينة البراءة، خصوصا أن نجم كرة القدم سارع إلى نفي ذلك، كما أن هناك تسريبا ممنهجا للتحقيقات والأبحاث التي ما زالت سارية، ورغبة فرنسية أكيدة في إدانة اللاعب المغربي حتى قبل بداية التحقيق معه”.

وختم بالإشارة إلى ازدواجية في التعامل، قائلا إن “القضايا الجنسية التي يتورط فيها فرنسيون لا تلقى الاهتمام نفسه من طرف القضاء ولا الإعلام الفرنسي، والنموذج هنا المليونير الفرنسي جاك بوتييه، مالك شركة فيلافي المتورط في قضايا اغتصاب واحتجاز قاصرات مغربيات بفرع الشركة بطنجة، وهو الملف الذي ما زال رائجا أمام القضاء المغربي”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم