"تقرير الفدرالية" ينتقد أوضاع السياسة

'تقرير الفدرالية' ينتقد أوضاع السياسة

صورة قاتمة عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المغربية “المفتوحة على جميع الاحتمالات”، رسمتها فدرالية اليسار الديمقراطي في تقرير لمجلسها الوطني الثاني، الذي جاء بعد المؤتمر الوطني الاندماجي في دجنبر 2022 وضم حزبي “الطليعة الديمقراطي الاشتراكي” و”المؤتمر الوطني الاتحادي” ومنشقين عن “الحزب الاشتراكي الموحد”.

التقرير العام لفدرالية اليسار رصد وجود “تردّ غير مسبوق لمفهوم السياسية، ولصورة الفاعل السياسي؛ يتجلى في احتواء أغلب النخب السياسية، وتحكم النظام المخزني في اللعبة السياسية، وفي دائرة القرار السياسي والاقتصادي، وإفساد الحقل السياسي، من خلال تعميق علاقة الولاءات السياسية بأجهزة الدولة، وتهميش الفعل السياسي الديمقراطي والقوى المعارضة المستقلة، وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، ونهج سياسة الإفلات من العقاب في جرائم الفساد ونهب المال العام”.

وقال التقرير إن المغرب “يعيش اليوم ردة حقوقية خطيرة، وتضييقا ممنهجا على الحريات، وفي مقدمتها الاعتقالات والمحاكمات التي شملت مناضلي الحراكات، وفي مقدمتهم شباب حراك الريف، والصحافيون والمدونون وغيرهم”، الذين كشف الحزب أنه “يعتزم اتخاذ مبادرات نضالية من أجل إطلاق سراحهم”.

وذكرت الوثيقة ذاتها أن المملكة تشهد “هجمة شرسة على المكتسبات الاجتماعية والقدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنات والمواطنين”، التي هي تجل “واضح لزواج المال والسلطة، من خلال حكومة تخدم بشكل مفضوح مصالح الرأسمال الاحتكاري والريعي”.

وتابعت فدرالية اليسار الديمقراطي بأن الأوضاع “مقلقة، مزعجة وغير مطمئنة، ومفتوحة على كل الاحتمالات”، وهي “نتيجة طبيعية لإصرار الدولة على نهج نفس الاختيارات والتوجهات السياسية اللاديمقراطية والفاشلة التي تكرس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المركبة والبنيوية التي يعيشها المغرب”.

وواصلت: “الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات الرسمية تدل على ذلك، خاصة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، وهي أرقام وإحصائيات صادمة ومخيفة تعبر عن اختلالات منذرة بأخطر العواقب؛ فمعدلات التضخم وغلاء الأسعار بلغت نسبا غير مسبوقة منذ ثمانينات القرن الماضي، مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، في الوقت الذي حقق فيه الرأسمال الاحتكاري نسب أرباح فاقت العشرين في المائة في مجموعة من القطاعات، كالأبناء، والزيوت، وإنتاج الطاقة، ومواد البناء… مع أن نسبة النمو في السنة الماضية لم تتجاوز 1.2 بالمائة، ولن تتجاوز 2.5 بالمائة هذه السنة”.

وعلقت الفدرالية بالقول إن “تغول الرأسمال الريعي الاحتكاري والمضاربين في مختلف المجالات والقطاعات، لم تقابله أي إجراءات حقيقية للتحكم في نسب التضخم”، ثم اتهمت “الخلفية النيوليبرالية للحكومة، وخضوعها للّوبيات الاقتصادية والمالية” التي جعلتها “عاجزة عن اتخاذ أي قرار جريء وفعال في مواجهة موجات الغلاء أو الحد منها، واستمرار موجة الغلاء رغم تراجع أثمنة المواد في الأسواق العالمية وتكلفة اللوجستيك”، بل “جاء قانون المالية لسنة 2023 مليئا بالهدايا الجبائية لصالح الرأسمال الكبير، دون أن يهتم بتحسين دخل عشرات الآلاف من الموظفين والعمال، أو يلتفت إلى وضع الهشاشة الذي تعيشه المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة بعد الجائحة؛ الشيء الذي أدى إلى إفلاس الآلاف منها”.

وسجل الحزب اليساري ذاته أن “معدلات البطالة ارتفعت ووصلت مستويات قياسية لم يعرفها المغرب منذ 23 سنة”، كما وقع “ارتفاع قياسي لمعدلات الفقر، حيث إن أكثر من 3 ملايين مغربي أصبحوا فقراء خلال السنتين الماضيتين”، مما يعكس “مظاهر أزمة اجتماعية خانقة، نتيجة اختيارات اقتصادية لا شعبية ولا ديمقراطية، بخلفية نيوليبرالية متوحشة، تخدم مصالح الرأسمال الريعي الاحتكاري الذي يراكم الثروات حتى في وقت الأزمات”.

وفيما يتعلق بقضية الصحراء، جددت الفدرالية التمسك بأن “المدخل الأساسي لتحصين وحدتنا الترابية” يعتمد على “إيجاد حل سياسي سلمي عادل، في إطار الحفاظ على السيادة الوطنية، والتدبير الذاتي الواسع لشؤون المواطنين في الصحراء، بما يحقق شروط العيش الكريم بالنسبة لجميع أبناء الوطن، والبناء الديمقراطي الكامل، المعتمد على الربط بين محاربة الريع والامتيازات وكل أشكال الفساد، والعمل على إصلاح سياسي ومؤسساتي ودستوري”.

وأكد تقرير الحزب السياسي المعارض أن المغرب “في حاجة للتغيير الديمقراطي الحقيقي، والقطع مع الاستبداد والفساد، عبر إصلاح دستوري ومؤسساتي عميق، يفصل بين السلط بشكل حقيقي، ويجعل الإرادة الشعبية مصدرا للسلطة التي تمارس من خلال مؤسسات منتخبة بشكل نزيه وشفاف، ويضمن الحقوق والحريات، ويفتح آفاقا للخروج من التأخر التاريخي في اتجاه مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وإقرار الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لضمان الحق في التعليم والصحة والشغل والعيش الكريم”.

وأبرزت الفدرالية أهمية هذه الإصلاحات في “تعزيز الجبهة الداخلية” والإسهام في “بناء المغرب القوي القادر على رفع التحديات، ومواجهة كل أشكال الابتزاز أو الارتهان لأية قوة خارجية في قضاياه المصيرية”.

وفيما يتعلق بـ”القضية الفلسطينية”، أوصى الحزب بـ”خلق جبهة عربية ومغاربية ضد التطبيع ومن أجل إقرار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كافة الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس”، و”عودة اللاجئين”، مع مطالبته الدولة المغربية بـ”رفض وتجريم كل أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي وغيره مع الكيان الصهيوني”.

وعلى “المستوى العربي والمغاربي”، قال تقرير “فدرالية اليسار” إن ما يهدد الشعوب “خطران أساسيان: يتمثل الأول في التسلط والاستبداد، والانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان؛ فمنطقتنا ما زالت تعيش على إيقاع عدم تمكن الشعوب من تحقيق نهوض ديمقراطي حقيقي، وذلك بسبب تمكن الاستبداد، والقوى المضادة للديمقراطية، من الالتفاف على مطلب الديمقراطية وحق الشعوب في الحرية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات والمساواة، مما يساعد على تنامي العنف، والاقتتال الداخلي كما هو الحال في اليمن والعراق وسوريا والسودان”.

أما ثاني الأخطار الأساسية التي تهدد المنطقة، وفق المصدر ذاته، فهو “انتشار الحروب، وإذكاء النزاعات الداخلية الإثنية والعرقية والمذهبية، بفعل قوى خارجية وأخرى إقليمية متحالفة معها بشكل مباشر وغير مباشر، وتغذية الإرهاب في المنطقة، مستغلة بذلك الأوضاع غير المستقرة”.

فدرالية اليسار الديمقراطي التي طالبت “المنتظم الدولي بالتحرك ضمن صلاحياته من أجل إقرار السلم والاستقرار في المنطقة”، لم تعلق بموقف واضح على “رجوع سوريا إلى الجامعة العربية”، مكتفية بكلمة “تسجيل” العودة، مع ذكر “راهنية مطلب الديمقراطية بالنسبة لكل الدول المكونة لها، لتصبح هذه الجامعة معبرة بالفعل عن طموحات وحاجات شعوبها”، مع المطالبة بـ”وقف الحصار على الشعب السوري وحقه في وحدته الوطنية، على أسس ومبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم