القمة العربية في جدة السعودية تعيد الرئيس السوري إلى الواجهة الدبلوماسية

القمة العربية في جدة السعودية تعيد الرئيس السوري إلى الواجهة الدبلوماسية

يجتمع القادة العرب، غدا الجمعة، في جدة للمشاركة في قمة عربية يرجّح أن يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد، إثر جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عاما على خلفية النزاع المدمّر في هذا البلد.

وعُلّقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية ردا على قمعها الاحتجاجات التي خرجت في العام 2011 إلى الشارع قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.

ويرى خبراء أنّ دعوة الأسد للمشاركة في قمة جدة تظهر أيضا نفوذ السعودية التي تسعى راهنا إلى البروز كصانعة سلام في المنطقة، بعدما تغلّبت على اعتراضات عدد من الدول، من بينها قطر، لإعادة سوريا إلى الحضن العربي خلال مباحثات في القاهرة مطلع الشهر الجاري.

وبالإضافة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمل القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، والنزاع في اليمن المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات.

وتُعقد القمة في جدة حيث يتفاوض ممثلو الطرفين السودانيين منذ نحو عشرة أيام، برعاية مسؤولين أميركيين وسعوديين.

في اليمن، تدفع السعودية نحو اتفاق سلام بين المتمردين الحوثيين والحكومة التي تدعمها؛ بينما لم تؤد الجهود الدبلوماسية السعودية في الملفين إلى مكسب كبير، لكن محللين وكتّاب رأي سعوديين متفائلون.

يقول المحلّل السعودي سليمان العقيلي لوكالة فرانس برس إنّ “قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة؛ لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص”.

ويتابع المتحدث: “ستكون القمة ناجحة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن”.

موجة مصالحة

تسارعت التحولات الدبلوماسية الأخيرة بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران، أعلن عنه في 10 مارس الماضي.

بعد أقل من أسبوعين، أعلنت السعودية أنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، الحليف المقرب من إيران، قبل أن تعلن قرار إعادة فتح بعثاتها في البلادP وتلا ذلك تبادل زيارات لوزراء خارجية البلدين للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.

إلا أنّ وجود الأسد المحتمل في جدة، الجمعة، لا يضمن إحراز تقدّم في التوصل إلى حلّ لإنهاء الحرب في سوريا.

وفي دليل على اهتمام الجانب السوري بالمشاركة في القمة، شارك وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أمس الأربعاء، في الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية في جدة.

وليس واضحا ما إذا كانت الجامعة العربية ستتمكّن من القيام بجهود فاعلة بشأن قضايا ملحّة مثل مصير اللاجئين السوريين وتجارة “الكبتاغون” التي تُتهم دمشق بدعمها.

وتقول كبيرة محللي شؤون الخليج في “مجموعة الأزمات الدولية”، آنا جاكوبس: “من المهم أن نتذكّر أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية إجراء رمزي لبدء عملية إنهاء عزلته الإقليمية”.

وتتابع: “من نواح كثيرة، هي بداية التطبيع السياسي، ولكن سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان ذلك سيترافق مع تطبيع اقتصادي، لا سيما من جانب الدول العربية الخليجية”.

في دمشق، قال حميد حمدان (44 عاما)، مدرّس الجغرافيا: “أنا وأفراد العائلة مهتمون بالأخبار السياسية للمرة الأولى منذ سنوات، ونتابع أخبار القمة أولاً بأول”.

واعتبر أن عودة بلاده إلى الجامعة العربية تمثّل “بدء العودة إلى النظام العالمي”، متوقعا أن تسفر عن “إعادة فتح السفارات والشركات وعودة الحركة والحياة إلى البلاد”.

سوريون آخرون يبدون أقل حماسا، من بينهم سوسن (29 عاما)، الموظفة في شركة لبيع سيارات، التي قالت: “متفائلون خيراً، لكنّنا نعلم أنّ القمة العربية لن تكون عصا سحرية لحل المشاكل السورية”.

وأضافت المتحدثة نفسها: “قد تكون البداية، لكن الطريق نحو الانفراج سيكون طويلاً ولن يكون سهلا”.

مباحثات قائمة

توصّل طرفا النزاع في السودان، الأسبوع الماضي، إلى “اتفاق إنساني” لتمرير المساعدات الإنسانية وضمان خروج المدنيين من مناطق النزاع، لكنهما عجزا عن التوصل إلى هدنة في مفاوضات وصفها مسؤول أميركي بأنها “صعبة جدا”.

وبخصوص اليمن، أفاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، في مقابلة مؤخرا مع فرانس برس، بأنّ أطراف النزاع في اليمن “جديون” بشأن إنهاء الحرب المدمرة، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين.

وقال توربيورن سولتفيدت، من شركة “فيرسك مايبلكروفت” الاستشارية، إنّ هناك القليل من الشك حول نهج السعودية الدبلوماسي فيما يتعلق بالقمة وما بعدها.

وأوضح سولتفيدت: “هناك دلائل واضحة على أن السعودية تسعى إلى إعادة اكتشاف نفسها كوسيط دبلوماسي رئيسي في المنطقة”، وأضاف: “الحكم لا يزال بعيدا حول ما إذا كانت هذه المهمة ستنجح”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم