التدوينات العسكرية على شبكة الإنترنيت تعيش "العصر الذهبي" في روسيا

التدوينات العسكرية على شبكة الإنترنيت تعيش 'العصر الذهبي' في روسيا

قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كانت قناة ميخائيل زفينتشوك على تطبيق “تلغرام” معروفة من قبل المهتمين بالقضايا العسكرية؛ لكن عدد مشتركيها ارتفع اليوم إلى أكثر من مليون، متجاوزا بذلك عددا كبيرا من وسائل الإعلام.

وأصبح عدد كبير من المدونين العسكريين الروس، الذين لم يكونوا معروفين من قبل، يتمتعون بشعبية كبيرة منذ بداية الحرب، ويحظون بحرية أكبر في الحديث مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية الخاضعة لرقابة صارمة من قبل السلطات.

ولا يتردد هؤلاء المدونون في نشر معلومات لم تعلنها سلطات موسكو بعد، وانتقاد قرارات معينة؛ ما يجعلهم أكثر مصداقية في نظر الروس، وفي الوقت نفسه مصدر إزعاج للجيش.

ميخائيل زفينتشوك، مؤسس قناة “ريبار” (الصياد) على “تلغرام”، قال في تصريح لوكالة فرانس برس إنه عندما بدأت الحرب “غرقت المؤسسات (الرسمية) المسؤولة عن الإعلام في حالة من الفوضى”.

وأضاف زفينتشوك، الذي يبلغ من العمر 31 عاما، أن “المسؤولين كانوا عاجزين عن الاتفاق حول المعلومات التي يجب نشرها على الملأ. لذلك نهضنا للدفاع عن وطننا في مجال الإعلام، وأصبحنا درعه”.

ينشر هذا المترجم العسكري تحليلاته بلغات عديدة؛ فهو يتقن العربية والإنجليزية، وعمل في الإدارة الإعلامية لوزارة الدفاع الروسية، وتم تكريمه لمهامه في سوريا والعراق. ويعمل لديه حوالي 40 شخصا؛ بمن فيهم مصممو “غرافيك”، يتولون وضع خرائط ورسومات بيانية تتميز بدقة أكبر بكثير من تلك التي تنشرها السلطات ووسائل الإعلام التقليدية، حتى أن مؤسسات غربية تتبناها.

تعطش للمعلومات

تاتيانا ستانوفاتا، المحللة في مركز “كارنيغي روسيا أوراسيا”، قالت إن هؤلاء المدونين يستجيبون “لتعطش الروس للمعلومات”؛ لأن “وزارة الدفاع الروسية لا تعطي عمليا أي صورة مناسبة لما يحدث في أوكرانيا”.

وأوضحت أن المدونين “على اطلاع جيد وعلى اتصال بالمشاركين مباشرة في القتال”، مشيرة إلى أنه “على الرغم من أنهم ملتزمون سياسيًا (مع شن الحرب)، فهم ينشرون وقائع لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر”.

غطى ألكسندر سلادكوف، المراسل العسكري لقناة “روسيا” التلفزيونية الحكومية، كل النزاعات المسلحة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي منذ 1991، ولا سيما في الشيشان.

يكتب سلادكوف، البالغ 57 عاما، اليوم، تحقيقات في شرق أوكرانيا ويغذي في الوقت نفسه قناته الشخصية على “تلغرام” “سلادكوف+” التي يتابعها أكثر من 900 ألف مشترك، أي ضعف عدد مشتركي قناة وزارة الدفاع الروسية وستة أضعاف متابعي الكرملين.

وقال سلادكوف لفرانس برس إن “العمل حول الحرب سهل. لا داعي للبحث عن أبطال. إنهم هناك لأمامنا”.

ونفى المتحدث أن يكون عمله دعائيا، وقال: “لست جنديًا في حرب المعلومات”؛ بل “مراسل يقود المشاهد عبر الشاشة إلى أماكن لا يمكنه أن يكون فيها”.

كونستانتين كالاتشيف، الخبير السياسي المستقل، شدد من جانبه على أن “المراسلين العسكريين والمدونين كسبوا ثقة الناس بفضل شجاعتهم الشخصية وعدم ترددهم في انتقاد وزارة الدفاع”.

إنزعاج السلطة

شعبية هؤلاء المدونين وصراحتهم يمكن أن تزعج السلطات الروسية، ففي الخريف الماضي انتقد عدد من المدونين العسكريين الجيش بشدة، بعد سلسلة من الانتكاسات في أوكرانيا، وتعبئة لجنود الاحتياط خيمت عليها حالة من الفوضى بسبب إرسال معدات قديمة ونقص في التدريب.

واتهم المراسل العسكري سيميون بيغوف، أنذاك، موسكو بوضع لائحة بأسماء مدونين موالين للكرملين ويدعمون العملية الروسية، وأيضا من هم مطالبون بالتحقق مع منشوراتهم لأنها “تشويه سمعة الجيش”.

وتضم هذه اللائحة شبكة “ريبار”، التي أدان مؤسسها ميخائيل زفينتشوك “محاولات التدخل في السياسة التحريرية” من قبل السلطات، لا سيما منذ مقتل زميله وصديقه فلادلين تاتارسكي، شهر أبريل الماضي، في تفجير نسبته موسكو إلى كييف ومعارضين روس.

وقال زفينتشوك: “يقترحون علينا أن نخفف نشاطنا بحجة ضمان سلامتنا”. وأضاف: “يقال لنا إنه لا يجب أن ننشر المشاكل … سيعرفها العدو ويستخدمها”، وتابع: “لكن العدو سيعرف على أي حال، إذا نشرنا مقطع فيديو لمجندين يواجهون مشاكل واقترحنا حلولا لتسويتها فلن يحولنا ذلك إلى أعداء لروسيا”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم