بعد تكرار حرق القرآن الكريم …التطرف يحاصر السويد المتسامحة

شق الفكر المتطرف طريقه لبلد السويد المتسامحة، بعد أن ارتفع عدد المتشددين حتى وصل الى برلمان، وغايتهم طبعا مجابهة حوالي 40 في المائة من المهاجرين، رغم أن بلد يتمتع بأقل نسبة جرائم في اوروبا.

وشهدت السويد خلال السنوات القليلة الماضية، مستوى غير مسبوق من الكراهية والتطرف ، كانت شرارتها منع السياسي الدنماركي إسموس بالودان، زعيم حزب النهج المتشدد اليميني المتطرف من دخول السويد لحضور تظاهرة في مدينة مالمو، دعا قبلها إلى حرق نسخة من القرآن الكريم في بلاد لطالما عرفت بالتسامح والتعايش المشترك

خلال الاسبوع الجاري، تطورت الاوضاع ببلاد السويد بعد حرق القرآن الكريم من قبل ” متطرفين ” مما تسبب في صدامات عنيفة بين الجالية المسلمة وأنصار اليمين المتطرف، مما عرف إدانة شديدة من عدد من الدول الإسلامية من ضمنها المغرب .

– فوز حزب ديمقراطيي السويد صعد وثيرة العنصرية

شكل فوز حزب ديمقراطييي السويد خلال الانتخابات الاخيرة، تصاعد خطير في وثيرة الميز العنصري بالبلاد، بعدما قام أعضاء الحزب الدنماركي المتطرف بإحراق القرآن في منطقة “روزنغورد” بمالمو وبث عملية الحرق على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت السويد عام 2017، قد تبنت استراتيجية محلية لمكافحة الراديكالية والتطرف تصديا للحركات اليمينية المتطرفة، بناء على افتراض أن التطرف يُسهّل ويؤدي في الكثير من الأحيان، إلى أعمال عنف ذات دوافع سياسية.

أما الراديكالية، فيفترض أنها تنتج عن التفرقة الاجتماعية وعدم الاندماج والممارسات التمييزية أو العنصرية التي يمارسها السكان الأصليون، وقد تجتمع هذه العوامل في أشكال مختلفة، بحيث تتضافر وتغذّي بعضها الآخر، مسببة أزمة وجودية.

واعتمدت استراتيجية السويد لمنع التطرف العنيف بشكل كبير على تجربة الدولة وخبرتها في منع الجرائم العنيفة (أقل نسبة في جرائم القتل بأوروبا)، وإن كانت الحكومة تتعامل رسميّا مع حالات الجريمة والتطرف العنيف، بشكل منفصل.

ورغم المجهودات الحكومية الكبيرة لامتصاص تفاقم مشاعر الكراهية والتطرف حفاظا على السلم الاجتماعي، والتي ميزت السويد عن باقي جيرانها الأوروبيين، تتجه الأمور عكس التيار، ما يطرح تساؤلات بشأن من يدفع باتجاه ذلك وما هي الأطراف المستفيدة ولأية أغراض؟مثل صعود حزب “ديمقراطيي السويد” اليميني المتطرف وحصوله على 18 في المئة من الأصوات في انتخابات 2018، زلزالا قويا يُلحق السويد بقائمة طويلة من الدول الأوروبية، التي صعد فيها اليمين المتطرف، من المجر وبولندا وإيطاليا والتشيك، مرورا بالنمسا وألمانيا، وصولا إلى الدنمارك وهولاندا.

ويصف عدد من المحللين السياسيين في السويد فوز هذا الحزب بهذه النسبة بأنه “يجعل العنصرية أكثر قبولا في المجتمع السويدي”، إذ أصبح لمشاعر الكراهية والعداء حزب سياسي يغذيهما ويرعاهما بل ويدافع عنهما.

وتراجعت قوى اليسار ويمين الوسط كما كان متوقعا رغم احتفاظها بالصدارة وحصول كل منها على أكثر من 40 في المائة من الأصوات، فيما خسر ائتلاف اليسار والاشتراكي الديمقراطي 15 مقعدا بينما خسر ائتلاف يمين الوسط 14 مقعدا.

وكان هذا الصعود بمثابة صدمة لبعض المراقبين، فيما اعتبره البعض صعودا محدودا لا ينبغي المبالغة فيه لأن الحزب لم يشارك في حكم البلاد.

لكن وجه الخطورة في ما جرى لا يتعلق بمن سيحكم بقدر ما يتعلق بالتحول الجوهري الذي طرأ على الخطاب السياسي بل وطبيعة العملية السياسية التي تنعكس بالضرورة على الأرضية الاجتماعية.

وساهم تسارع معدلات الهجرة في السنوات الأخيرة تزامنا مع الضغط الذي شكله حزب ديمقراطيي السويد من داخل البرلمان وخارجه في تحول جوهري بالخطاب السياسي للأحزاب الكبرى. فقد صارت هي الأخرى تتبنى تقييد الهجرة بعد أن كان ذلك الموقف مقتصرا على حزب السويد الديمقراطي، الأمر الذي أدى إلى جرّ قلب الوسط السياسي نحو العداء للهجرة بعد أن ظل طويلا في أقصى اليمين.

واضطرت الأحزاب الكبرى ذات الخلفية الاشتراكية الاجتماعية إلى تغيير بعض سياساتها التي توصف بالمتسامحة تجاه المهاجرين، مثل تشديد قيود الهجرة ومتطلبات الاندماج وحتى التمتع بالتغطية الصحية للأجانب، لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، ما ضيّق الخناق على الأجانب وعزز الشعور بالإقصاء والتهميش.

وأظهرت آخر إحصائيات، أن عدد الأشخاص المنحدرين من أصول مهاجرة في السويد، قد تجاوز مليونين و 500 ألف شخص.

أترك تعليقا

أحدث أقدم