البنك الدولي يقتفي "آثار طويلة الأجل" لارتفاع أسعار الغذاء في "مينا"

البنك الدولي يقتفي 'آثار طويلة الأجل' لارتفاع أسعار الغذاء في 'مينا'

في سياق متسم بارتفاع متزايد لأسعار الغذاء، بدأت إشكالية “انعدام الأمن الغذائي” تأخذ منحى “مقلقا”، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا..

في هذا الإطار، فإن المغرب ليس بمنأى عن تداعيات خطيرة حذر منها أحدث تقرير للمستجدات الاقتصادية لمنطقة “MENA” الصادر عن مجموعة البنك الدولي يوم 6 أبريل الجاري.

التقرير، المعنون بـ”حين تتبدل المصائر.. الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، نبه، في جزئه الثاني، إلى “الأثر الدائم لانعدام الأمن الغذائي”، لافتا إلى “تفاقم انعدام الأمن الغذائي” في المنطقة المذكورة.

“الأسر الأشد فقرا هي الأكثر تضررا من موجات التضخم الذي يمس معظم الدول العربية” تسجل المؤسسة المالية الدولية، محذرة من ضغوط متصاعدة يتركها “تضخم أسعار المواد الغذائية الذي يزيد عن 10 في المائة” على الأسر الأكثر فقرا.

ولفت التقرير، الذي طالعت جريدة هسبريس نسخة منه، إلى أن “تأثير انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يمتد إلى أجيال مقبلة وقد تكون له عواقب متعددة في ظل تعدد الأزمات والصدمات من تغيرات مناخية ومجاعات وأوبئة”.

في الحالة المغربية، سجل المصدر ذاته أن “التضخم في أسعار الغذاء يُعتبر أكثر أهمية من التضخم العام في الأسعار”؛ وهو ما سبق أن أشار إليه مرارا بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط في تقاريرهما.

وأقام خبراء البنك الدولي، الذين حرروا التقرير، علاقة واضحة بين “ارتفاع أسعار الغذاء عالميا والزيادة الفورية في انعدام الأمن الغذائي”، مسجلين “نقصا واضحا في البيانات عن الأوضاع الراهنة المتاحة حول الظاهرة وربما المؤشرات المُنذرة بحالات انعدام الأمن الغذائي في المستقبل لفهم الأخطار التي تهدد سبل كسب الرزق في المنطقة”.

في سياق متصل، تراجعت أسعار المواد الغذائية للشهر الثاني عشر على التوالي في مارس 2023، مع أنها ما زالت “مرتفعة جدا” عموما، مسجلة “انخفاضا بـ20,5 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من 2022 حين تأثرت الأسواق بالتبعات الأولى للحرب في أوكرانيا”، حسب ما أفادت به منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، الجمعة.

كما تراجع مؤشر المنظمة لأسعار المواد الغذائية الذي يقيس التغير في الأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية الأساسية، بنسبة 2,1 في المائة مقارنة بمستواه في فبراير الماضي.

تفاوت كبير

حسب ما رصده تقرير البنك الدولي، فإن “انتشار انعدام الأمن الغذائي يتسم بتفاوت كبير في منطقة MENA”، موردا أن “المغرب من مجموعة الدول النامية التي تعرف معدل انتشار لانعدام الأمن الغذائي يقل عن 10 في المائة، إذ يبلغ في المغرب 6.4 في المائة؛ إلا أن 2.4 ملايين شخص في المغرب يعانون “انعدام الأمن الغذائي الشديد”.

وأوردت معطيات المنظمة الأممية للغذاء “انخفاض أسعار الحبوب (-5,6 في المائة) وكذلك الزيوت النباتية (-3 في المائة) مما شكل تعويضا عن ارتفاع أسعار السكر (+1,5 في المائة) التي بلغت “أعلى مستوياتها منذ أكتوبر 2016” بسبب “المخاوف بشأن انخفاض توافر السكر على الصعيد العالمي مع توقعات بتراجع الإنتاج في الهند وتايلاند والصين”.

كما رصد مؤشر “الفاو” تراجع سعر القمح بـ7 في المائة بسبب “ارتفاع الإنتاج في أستراليا وتحسن أحوال المزروعات في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر (…) ووفرة الكميات المتاحة في روسيا ومواصلة صادرات أوكرانيا من موانئها في البحر الأسود”.

مشاكل إضافية

إعلان منظمة “الفاو” عن “استمرار ارتفاع أسعار الغذاء” متأثرة بتبعات متلاحقة لآثار الحرب في أوكرانيا يسائل “الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”؛ وهو ما نبه إليه تقرير البنك الدولي بالنسبة لأمن غذاء الأجيال المقبلة.

وعلق ماكسيمو توريرو، كبير الاقتصاديين في المنظمة الأممية للأغذية والزراعة، قائلا إن “الأسعار على الصعيد العالمي انخفضت؛ لكنها تظل مرتفعة جدا”، وزاد مستدركا: “إلا أنها تستمر في الارتفاع في الأسواق المحلية؛ ما يطرح مشاكل إضافية مرتبطة بالأمن الغذائي”.

وأشار إلى أن “هذا هو الحال، خصوصا في البلدان النامية المستورِدة بالكامل للمواد الغذائية؛ فقد تفاقَم الوضع بسبب انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار أو اليورو وبسبب أعباء الديون المتزايدة”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم