ديوان الفقيه زروق .. شعر مغربي ينادي بإصلاح النفس والمجتمع منذ قرون

ديوان الفقيه زروق .. شعر مغربي ينادي بإصلاح النفس والمجتمع منذ قرون

قصائد بنَفَسٍ إصلاحي من القرن الخامس عشر الميلادي للفقيه أبي العباس أحمد زرّوق البرنسي، يضمها ديوان بعنوان “ديوان الشيخ سيدي أحمد زروق” صدر حديثا، يشهد على سعي هذا العلَم في حقل التصوف إلى “بناء وعي لدى الفرد والمجتمع بضرورة الإصلاح”.

الديوان، الذي جمعه وأخرجه الباحث محمد طابخ، يضم قصائد “عيوب النفس ودواؤها”، “استغاثة”، “سفينة النجاة”، “في شمائل المصطفى”، “عقود الأعداد”، “موعظة”، “سلام عليكم أشتهي أن أراكم”، و”الحمد للفرد القديم في الأزل”.

وتحضر في هذا العمل الجديد “رسالة الشعر” التي اقتنع بها الشيخ زروق، فاستعان بـ”أثره في الشعور والعاطفة والروح”؛ لأنه “كان يرى أن قضايا كثيرة تتأتى معالجتها عن طَرق مجموعة من الأفكار والرؤى والتصورات، من خلال بناء وعي ذاتي عن طريق الشعر؛ ذلك أن الشعر ينفذ أكثر من غيره إلى الأعماق، بما له من تأثير وإيقاع وجمالية وبلاغة”، بتعبير جامع الديوان.

زروق، الذي أطلقت كتب التراجم لقب “محتسب العلماء والأولياء”، كان له “مشروع إصلاحي” تحضر معالمه في قصيدة “عيوب النفس ودواؤها”، التي تبدأ بـ”إصلاح النفس أولا، ثم الفرد والمجتمع، وإلى جانب هذه الدعامة لإصلاح النفس وضَع عدة المريد التي تعد رافعة لإصلاح الفرد، والقواعد لإصلاح المجتمع”.

ومن بين ما يميز هذه الأشعار زمن ظهورها الذي وصفه معد الديوان بـ”العصيب”، مضيفا أنه وقت “عرف فيه التصوف مشرقا ومغربا انحرافات أضرت بالصوفي والصوفية، حيث صار الخطاب الصوفي في كل الأوساط الفكرية والثقافية والفلسفية والفقهية، خطابا مشوبا بالحذر، ومشتبها به من حيث التصورات والآراء العقدية”.

في هذه الفترة “تجند الشيخ الصوفي الفقيه الشاعر الأديب سيدي أحمد زروق الذي ملأ الأسماع، وشغل العقول، وشرح المؤلفات الصوفية للمتصوفة الكبار، ونظم الشعر، يريد التغيير والإصلاح، وتطهير المجتمع من البدع التي انتشرت في أوساط مختلفة”.

أحمد زروق البُرنسيّ التازي أصلا والفاسي ولادة والمسراتي مرقدا “شخصية فذة”، بتعبير العمل، “يتعدد الإنسان داخلها؛ الإنسان المصلح، الإنسان الصوفي، الإنسان الفقيه، الإنسان الشاعر الأديب، المفسر المحدث، الشارح، المحتسب، العالم”، وهو تكامل لا يزال ملهما لـ”الصوفي، والفقيه، والشاعر، والأديب، والمريد، والشيخ، والمجدد، والمصلح، وكل باحث ودارس وقارئ”.

هذا العلَم ذو التآليف الكثيرة نَظَم في مختلف أغراض الشعر، ويجمع هذا الديوان ما تفرق منها، مع تطلعه إلى إتمام جهده بضم القصائد التي غفل عنها معده.

ومن بين ما وضع الديوان الجديد على الرفوف مقصد إبراز أن التراث الشعري والأدبي، المغربي خاصة والعربي عامة، “يزخر بكنوز من الشعر الصوفي الذي رام أصحابه صقل الأرواح وتطهيرَها، وتنقيَتها وتخليَتها من الشوائب، وتحليَتها بكل الأخلاق والسلوكيات التي تعود على الفرد والمجتمع كليهما، بكل ما من شأنه أن يبعث في الإنسان (…) الطاقة والقوة للعمل الصالح، والإيمان الحق والتفكير الصائب، والتغيير والإصلاح للخروج من الأزمة إلى بر الأمان، ومن أجل البناء والنمو، وازدهار المجتمع في سائر الميادين”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم