أجهزة الغش في الامتحانات تستنفر الشرطة .. وباحث تربوي يعدد مداخل الوقاية

أجهزة الغش في الامتحانات تستنفر الشرطة .. وباحث تربوي يعدد مداخل الوقاية

مع دنوّ موعد الامتحانات الإشهادية بالمغرب، خاصة في مستويات الباكالوريا المرتقبة مطلع يونيو المقبل، شرعت المصالح الأمنية في شن “حرب بلا هوادة” ضد شبكات متخصصة في عمليات ترويج وسائل الغش في الامتحانات المدرسية.

في أولى عملياتها هذا الموسم، أفشلت اليقظة الأمنية عبر عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة طنجة، أول أمس السبت، محاولات وتحركات طالبيْن (23 و24 سنة) بعد الاشتباه في “تورطهما في حيازة وترويج أجهزة إلكترونية مهربة تُستعمل لأغراض الغش في الامتحانات المدرسية”.

وكثفت مصالح الأمن الوطني عمليات “رصد إعلانات منشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض للبيع أجهزة إلكترونية موجهة لاستعمالها في الغش في الامتحانات الدراسية”؛ مضيفة أن “عملية الضبط والتفتيش أثمرت عن العثور بحوزة المشتبه فيهما على 64 وحدة للاتصال اللاسلكي و57 سماعة ذكية و18 ساعة يدوية ذكية و45 شاحنا خاصا بهذه الأجهزة المهربة، علاوة على حجز هواتف نقالة ومبلغ مالي من متحصلات هذه الأنشطة الإجرامية”.

ويتواصل البحث القضائي، الذي يجرى تحت إشراف النيابة العامة المختصة، “للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد كافة الأفعال الإجرامية المنسوبة للمعنيين بالأمر”.

كعادتها كل سنة، تحاول حملات الأمن بالمغرب نهج مقاربة استباقية ضد شبكات “حيازة وترويج أجهزة إلكترونية مهربة تُستعمل لأغراض الغش في الامتحانات المدرسية” قبل حلول موعد الامتحانات الإشهادية؛ حيث يغدو الإقبال كثيفاً على استعمال واقتناء وترويج هذه الأجهزة.

ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتعدد منصاتها وشبكاتها، تنوعت طرائق الترويج لوسائل وأجهزة حديثة ينشط استخدامها بقوة مع اقتراب “موسم الامتحانات”، مستغلة توفر معظم التلاميذ (من فئة المراهقين) على حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي.

مداخل أساسية

وتفاعلا مع الموضوع، لا سيما في أبعاده التوعوية والتحسيسية، سجل المحجوب ادريوش، الباحث في سوسيولوجيا التربية، أن “التصدي لظاهرة الغش خلال محطة امتحانات البكالوريا يجب ألّا يكون مسؤولية وزارة التربية الوطنية لوحدها، بل هناك عدد من المتدخلين ومؤسسات التنشئة الاجتماعية التي يجب أن تنهض بأدوارها في تكامل وانسجام تامّيْن”.

وعدّد ادرويش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، ثلاثة مداخل قال إنها أساسية للعملية التي تروم مكافحة ممارسات الغش؛ أولها “المدخل الزجري القانوني، إذ يَظهر من خلال القانون 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات، والذي تم اعتماده قبل أكثر من خمس سنوات، أنه أتى ليخفف بعض الشيء من الظاهرة، رغم طبيعته القانونية الزجرية ورفض البعض له بادئ الأمر”.

أما المدخل الثاني، حسب الخبير التربوي ذاته، فهو “توعوي تحسيسي يتعلق بالتوعية والتحسيس والتعبئة”، مشيرا إلى أن ذلك “ما انتبهت إليه الوزارة نفسها بشكل سنوي، إذ تدعو إلى تنظيم حملات من طرف الأكاديميات والمديريات الإقليمية تحت شعار: لننجح بشرف واستحقاق”.

كما شدد ادريوش، في معرض التصريح نفسه، على المدخل الأسَري والتنشئة الاجتماعية داخل البيوت، قائلا: “لا يجب أن ننسى دور الأسر في هذا المجال انطلاقا من القدوة الحسنة من جهة، وعدم اعتبار الامتحانات نهاية المطاف بالنسبة للتلميذ من جهة ثانية”، قبل أن يستحضر دور الإعلام في إظهار الممارسات الجيدة ومتابعتها وليس البحث عن “البوز”.

المدخل الثالث يتصل بما هو تربوي محض، حسب الباحث في سوسيولوجيا التربية، الذي نادى بـ”تغيير طرق التقويم، وكذا تحسين جدوى جاذبية المدرسة، واعتماد مقاربات متعددة ومتكاملة تقوم أساسا على مدخل المناهج ومدخل الحياة المدرسية، بالإضافة إلى التكوين”.

التكنولوجيا والغش

انتقد ادرويش، الخبير في شؤون التربية والتكوين بالمغرب، جعْل “الحديث عن الغش ومحاربته موسميا ومناسباتياً بشكل يجعله مرتبطا بالامتحانات الإشهادية فقط، بل يجب أن يكون طيلة السنة الدراسية لأن التلميذ يمارس هذا السلوك المشين خلال المراقبة المستمرة وبالتحايل أثناء أوقات الدخول والخروج وفي العروض والواجبات المنزلية”.

وخلص ادرويش إلى استحضار “خطورة الوسائل التكنولوجية الحديثة ودورها في استفحال الظاهرة”.

وتابع شارحا: “ما يزيد من إضعاف المكانة المطلوبة من المؤسسة التربوية وما يُفترض فيها تحقيقه من إشعاع مناسب على صعيد محيطها، هو محاصرتها من طرف هذه الوسائل عند استخدامها لأغراض دنيئة تمجّد النفعية المباشرة وقيم الاستهلاك على قيم الإنجاز والإنتاج، خصوصا أن تطور التقنيات الحديثة وتطور المدرسة لا يَسيران في خطَّيْن مستقيمَيْن وبالسرعة نفسها”.

أترك تعليقا

أحدث أقدم